السبت، مارس 05، 2011

الفصل الرابع


في اليوم التالي كنت قد أغلقت المنزل والشرفة وجلست في الحديقة منتظرة آدم ، ترى هل سيعود هذا الصغير أم سيسيطر عليه الخوف من أن أسأله أي أسئلة أخرى ، عزمت على عدم سؤاله مرة أخرى وتجاهل الأمر إن تجاهل أمر الخطابات ..
لكن لمَ أنتظر الفتى ؟ لمَ لا أعيد حديقتي الغنّاء إلى سابق عهدها وحدي كما فعلت عندما انتقلت للسكنى هنا؟
إن آدم لن يهدأ حتى يعرف سر خطاباتي عليّ أن أكمل حياتي كما كانت . هممت بالنهوض وأنا عازمة على الاكتفاء بيوم واحد فقط قضاه آدم عندي بالأمس ، لولا أن جاءني صوت من جوار سور الحديقة يقول : لقد كانت قطة السيدة جين عندها رأيتها أمس وهي تفر خائفة من منزلها من ناحية هذا السور.
كنت جالسة خلف إحدى الأشجار التي تلقي بظلالها على كرسيّ فلم ترني الجارات الثرثارت لذا قررت أن أقوم من مكان قبل أن أسمع مرة أخرى معزوفة الساحة الشريرة التي تخيف القطط والحيوانات الأليفة كي تسرق قلوبهم لتأكلها .. دائماً ما يدور في ذهني تساؤل حول سبب دخولي السوبر ماركت في رأيهن؟ هل لأبحث عن حيوان ما لآكل قلبه أم لأشتري لنفسي بعض الطعام الآدمي !
نساء غريبات الأطوار ومجنونات حقاً.
هممت بالاستدارة حول الشجرة كي أعلِمهن بأنني أسمع تلك السخافات إلا أنني سرعان ما عدلت عن قراري وعدت لجلستي الأولى فقد استمعت إلى عبارة أخرى قالتها واحدة من السيدتين ، لقد قالت : أخبرني ولدي بأن ما تخبئه في دولابها الذي نراه في الغرفة الواسعة لا يحوي سوى خطابات مغلقة ،أخبره بذلك آدم حفيد السيدة لويزا فقد دخل منزلها أمس ليبرهن على شجاعته أمام الصبيان ورأى ما يحويه دولابها المغلق
ضحكت السيدة الأخرى وقالت : يا للأشقياء ! هل أجبر أولادك الفتى الجديد في القرية على دخول منزل الساحرة الشريرة؟
اشتعل الغضب في أعماقي وتحول إلى إعصار ناريّ يكاد يهلكني ويدمر بيتي لو انطلق ، كنت قوية بما يكفي لأتغلب على إعصار الشر بداخلي وفهمت سبب دخول آدم لمنزلي
تسمرت في مكاني على الكرسي وانا أفكر في آدم الشيطان الصغير
لقد أراد فتح دولابي في غفلة مني لذلك وقف مذهولاً عندما رآني ، لم يكن يتوقع أن يجدني أمامه وادعى أن كلبه كان يطارد القطة المسكينة ، هذا إذن سبب دخوله منزلي من ناحية غرفة المعيشة ، لقد أراد اختصار الطريق .
غمغمت بحقد دفين قائلة: الويل لك أيها الشيطان الصغير ! عليك أن تتعلم درساً أنت وكل الأشقياء في تلك البلدة الظالم أهلها !
سمعت شهقة ناحية السور فنظرت نحو مصدر الصوت نظرة سوداء من الحقد والغضب والغل وسمعت صاحب الصوت يقول : إنها تغمغم بتعويذة لتنتقم منا ، يبدو أنها عرفت ما فعلنا أسرعوا بالهرب جميعكم.
من المؤسف أن يسيطر إنسان على حياته في مكان لا تضيئ ظلام جهله الشمس ، أشعر أن الشمس عندما تشرق على هذه القرية الصغيرة فهي تشرق عليها مرغمة وتود لو تنهي زيارتها سريعاً ، فظلام الجهل شديد الرعب لمن يراه ويضطر للعيش فيه .
كذلك الغضب إن لم تسيطر عليه لتحول إلى إعصار من نار يهلك ويدمر من حوله بداية من حامله نفسه ، لذلك الغضب قوة علينا أن نتعلم كيف نسيطر عليها ونقهرها .. كنت قد تأقلمت على العيش في ظلام الجهل فأضاءت لي مصباح من الكتب التي ضمتها مكتبتي بحنان من يعرف أهمية ما يضمه في أحضانه ، بينما ساعدتني وحدتي على قهر شيطان الغضب لذلك استعدت سيطرتي على حواسي وعلى عقلي وبدأت في التفكير كيف سأتصرف بعد ذلك .
هل أشكو فعلة آدم لجدته السيدة لويزا؟ إنها سيدة عاقلة ورزينة لا أعلم كيف تعيش في ذلك المستنقع الأسود من الخرافات
أم أنتقم لنفسي من الشيطان الصغير ومن كل أهل القرية الذين يشتعل فضولهم نحوي .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

♥ يسعدني معرفة رأيكم فيما كتبت :)